امتلك تبيريوس عددًا من الألقاب في مقدمتها "الرجل العجوز" الذي أطلق عليه في ريعان شبابه، وذلك لما امتلكه من جدية ووقار، ومُنح لقب "السلطنة القبلية" بعد اجتياحه القبائل الجرمانية عام 6 ق.م وعودته إلى روما، وحصوله على منصب القنصل، فضلًا عن منحه صلاحيات واسعة من قبل أغسطس.
وبوفاة أغسطس في السابع عشر من آب "أغسطس" عام 14م، اصبح ابن تيبريوس الوريث الوحيد للعرش الروماني، لذلك أعلن مجلس الشيوخ تنصيبه إمبراطورًا في الخامس عشر من أيلول "سبتمبر" وبذلك أطلق عليه لقب الإمبراطور رسميًّا، وأصبح ثاني أباطرة الرومان، كذلك حمل لقب تيبريوس قيصر رسميًّا، وعرف بهذا الاسم طوال مدة حكمه التي استمرت حتى وفاته 37م.
وفي السنوات الأولى من حكمه حاول الابتعاد عن القيم الجمهورية، وأن يظهر بمظهر الديمقراطي برفضه مقترحًا للسناتو بتسمية أحد شهور السنة باسمه مثل شهر يوليو أغسطس، وقال لهم: «ماذا تفعلون لو بلغ عدد القياصرة 13 شهرًا»، وحين خاطبه أحد الشيوخ بلقب السيد الجليل رفض ذلك.
حملت النقود صورته، إذ كانت صورته منقوشة على نقد الضريبة آنذاك، وأريد له أن يلقب بـ«إله الإمبراطورية»، إلا أنه عد نفسه مجرد إنسان، وكان يرفض هذه الألقاب، لا سيما أنها كانت تنسب للإمبراطور أغسطس.
اقرأ ايضاََ الإمبراطور تيبيريوس واستمراره بحياة القصر
زواج الإمبراطور تيبيريوس
بعد أن ظهرت شخصية تيبريوس في كثير من الأعمال الفنية، ومنحه منصبًا من قبل الإمبراطور، بدأ أجريبا يتودد له، إذ كان يظن أن له شأنًا كبيرًا في مستقبل الإمبراطورية، لا سيما بعد أن أصبح في منصب حكومي كبير، وقائدًا لأحد جيوش الإمبراطورية.
فرغب في زواجه من أخته فيبسانيا 14 ق.م-33م التي كانت صغيرة السن في الـ15 من عمرها، بعد أن أطلع الإمبراطور أغسطس بنواياه، فنال هذا الأمر قبول الطرفين، في الوقت الذي كان فيه هذا الأمر فرصة لتيبريوس لأنه كان يحب فيبسانيا.
كانت لتيبريوس حياته سعيدة مع فيبسانيا، أنجب منها طفلًا سمي دروسوس على اسم أخيه، وهو الابن الوحيد له، ولكنه لم يحصل على تلك السعادة سوى 12 عامًا، على الرغم من أنه عاش 78 عامًا.
لكن السعادة التي عاشها تيبريوس لم تدم طويلًا، فبعد أن توفي أجريبا أصدر أغسطس أمرًا، أمر فيه تيبريوس بطلاق زوجته فسبانيا وكانت في وقتها حاملًا، وأن يتزوج من جوليا 39 ق.م-14م ابنته.
إلا أن هذا القرار كان صعبًا على تيبريوس الذي لا يزال لم ينسَ موقف أغسطس من طلاق والدته وإجبارها على الزواج منه.. إن الهدف الذي كان يقصده أغسطس من وراء هذا الزواج ليس حبًا لتيبريوس أو حتى منحه شرعية ارتقاء العرش، بل أراد أن تنجب جوليا من تيبريوس وارثًا للعرش.
عاشت جوليا مع تيبريوس، وكان همها في الحياة المتعة، إذ كان شابًّا في مقتبل الحياة، فكانت تربو إلى حياة مفعمة بالحب والهدوء، وقد عاشت معه عندما كان قائدًا للجيوش الرومانية لمحاربة القبائل المتمردة في خيمة خاصة، لا سيما تلك الخيم التي كانت تخصص لزوجات القادة.
وأنجبت له طفلًا لم يعش طويلًا، بل مات صغيرًا إلا أن تيبريوس لم يكن قادرًا على أن يحقق لها كل شيء، بل كان ينظر إليها بسخط لما تقوم به، وظهرت خلافات مع والدته ليفيا، إذ كانت الأخيرة أقوى امرأة في روما.
وقفت ليفيا ضد تصرفات جوليا زوجة ابنها؛ لأنها كانت تخاف على سمعته، وأن ما تقوم به جوليا كان يغضب تيبريوس، ولكنه كان مشغولًا بواجباته العسكرية وأنه لا يزال يكن حبه لزوجته فيبسانيا، أراد تيبريوس أن يتخلص من جوليا لكنه لم يستخدم القانون اليولياني ضد جوليا، بل اكتفى بالابتعاد عنها وتكريس غالب وقته للحروب التي يخوضها بعيدًا عن روما.
يبدو أن تصرفات تيبريوس مع جوليا، زادت غضب أغسطس عليه، وبدأت جوليا نفسها تحرض أباها ضد زوجها، لكنه لم يستطع أن يتحمل أكثر من ذلك، فما كان منه إلا أن غادر روما تاركًا جوليا وما تقوم به، ما أثار غضب أغسطس كثيرًا، إذ سرعان ما أصدر قرارًا صارمًا بعدم عودته إلى روما.
أثرت هذه الأحداث في نفسية تيبريوس، إذ بدا رجلًا قد سيطر عليه الغضب علمًا أنه كان قوي الإرادة ومكتمل الحيوية وله القدرة الكبيرة في إدارة الإمبراطورية.
اقرأ ايضاََ السير فرانسيس دريك.. أشهر بحار في العصر الإليزابيثي
أين استقر الإمبراطور تيبيريوس ؟
وعندما كان في السادسة والثلاثين من عمره، جاء ليستقر في مدينة دروس، وعاش في تلك الجزيرة حياة جديدة، إذ كان يخاطب العامة، كأنه واحد منهم.
أما عن شقيقه دروسوس 28 ق.م-9 ق.م الذي عاش معه في القصر الإمبراطوري بعد وفاة والدهما تيبريوس، فكان عمره لا يتجاوز الخامسة، ليعيشا في كنف الإمبراطور أغسطس وأمه ليفيا.
إذ كان أغسطس مهتمًّا بدروسوس؛ لأنه كان معجبًا به ووجد في نفسه الرغبة على التعلم، ولأنه كان يرى به وريثًا للعرش الإمبراطوري، وكان يرى فيه القبول والمرح والراحة، على الرغم من أن تيبريوس كان متفوقًا بالتحصيل العلمي.
أصبح دروسوس في ما بعد من أكبر القيادات العسكرية، وقائدًا للجيش الروماني في ألمانيا، إذ استطاع أن يحافظ على ممتلكات الإمبراطورية وحددها، لكنه سقط من فوق حصانه فأصيب في رأسه.
وحاول تيبريوس بعد وصول خبره أن يلحق به، لكنه لم يستطع ذلك، وفارق الحياة، فعاد بجيشه إلى روما، وكان هذا الحادث فاجعة كبيرة على تيبريوس لأنه كان يحبه كثيرًا.
أنجب تيبريوس ابنًا سماه دروسوس الأصغر، والذي يعد الوارث الوحيد لعرش الإمبراطورية، إذ أصبح من قادة روما الكبار، وحارب ضد القبائل الجرمانية، وكان يشغل منصب رئيس الحرس الإمبراطوري، وتوفي عام 23 م بعد أن دس له السم.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.