عاش تيبيريوس حياته منذ الطفولة متنقلًا من مكان إلى آخر مع والده، فكانت حياته بائسة، إلى أن استقر به المطاف أخيرًا في قصر الإمبراطور أغسطس، بعد زواج الأخير من والدته ليفيا.
وبعد ووفاة والده تيبيريوس الكبير، انتقل للعيش مع أمه في القصر الإمبراطوري، تحت رعاية الإمبراطور أغسطس نفسه، الذي لم يبخل عليه بشيء لأنه كان يرى فيه شخصًا قويًّا وذكيًّا.
فتلقن العلم والدين والأدب على يد أفضل أساتذة الإغريق والرومان في ذلك الوقت.
اقرأ أيضًا كليوباترا.. حقائق هامة لا تعرفها من قبل
مشواره مع التعليم
لقد نال تيبيريوس إعجاب كل من كان في القصر، بل وفي روما كلها؛ لأنه كان ذكيًّا وشجاعًا، ويعد من أفضل الصبية في روما في العلم والأدب.
وهذا هو السبب الذي دفع أغسطس إلى تعليمه هو وإخوته دروسوس ومارسيللس، وكان تعليمهم على أعلى المستويات، لأن أغسطس كان يرى أن أحدهم من سيرث العرش، بعد أن أصبحت الإمبراطورية ملكًا خالصًا له.
وكان يرى الثلاثة هم ورثته، على الرغم من أن ميوله مع دروسوس لأنه كان مقبولًا بين العامة، ومرحًا، عكس أخيه تيبيريوس الذي كان ثقيل الكلام كثير الخجل.
وعلى الرغم من وجود الحفلات التي تقام في القصر وحياة البذخ والرفاهية، فإن تيبيريوس لم يترك تعليمه بل كان مصرًا على متابعة دروسه بجد واهتمام كبير، على عكس من دروسوس ومارسيللس.
تشير المصادر إلى أن أغسطس كان مصرًّا على تعليم تيبريوس وأخيه ومارسيللس ابن أكتافيا شقيقة أغسطس، إذ إنه كان يرى أن الإمبراطورية قد أصبحت ملكًا له، لا سيما بعد انتصاره في مصر وقضائه على أنطونيوس وكليوباترا.
قطع تيبيريوس حيزًا كبيرًا في تعليمه، إذ كانت لديه القدرة على الخطابة، وذلك بسبب اعتكافه وعزلته بعيدًا عن الناس، وحبه للتعليم جعل منه شخصًا ذا إمكانات علمية كبيرة، وهذا واضح بحبه لعلم تفسير الأحلام، وعلم الفلك، فضلًا عن حب كتابة الشعر والخطابة.
مارس تيبيريوس الشعائر الدينية وأساليب الحكم، وكان يهتم كثيرًا بالأدب اليوناني واللاتيني، وعلم الطب وعلم القراءة والطوابع.
كذلك اهتم بالرسم والنحت، وقرب إليه الشعراء، وأولى الرياضيات عناية خاصة، إذ كان علماء الرياضيات من المقربين إليه، وكانت تهدى إليه المؤلفات في مختلف العلوم والأشعار.
اقرأ أيضًا نبذة عن حياة الإمبراطور الروماني تيبيريوس
قصر الإمبراطور منبر العلم والثقافة
إن وجود تيبيريوس في القصر الإمبراطوري أتاح له كثيرًا من الفرص التعليمية والتثقيفية والتعامل مع الآخرين، فضلًا عن التدريب على فنون القتال منذ الصغر.
وبذلك كان القصر بمنزلة المنبر العلمي والثقافي له، فتلقى العلم والأدب والدين على يد أفضل أساتذة الإغريق والرومان، ونال إعجاب أوكتافيوس وكل من كان في القصر وفي روما أيضًا، لما تمتع به من قوة وذكاء، حتى عُد من أفضل الصبية في روما في الأدب والعلم.
قطع تيبيريوس شوطًا كبيرًا في تعليمه، فكانت لديه القدرة على الخطابة بسبب اعتكافه وعزلته بعيدًا عن الناس، فلم تشغله حياة القصر، بما فيها من بذخ ورفاهية، إذ كان حريصًا على متابعة دروسه بجد واهتمام كبير على العكس من شقيقه دروسوس ومارسيللس.
فقد اختلفت أساليبهما في التحصيل العلمي، وهذا كان واضحًا في أثناء جنازة والدته، إذ وقف أمام الشعب الروماني راثيًا لها، وهذا لم يكن غريبًا، إذ تتلمذ على يد خيرة أساتذة روما.
لم يقتصر اهتمام تيبريوس العلمي على مجال واحد، بل شمل عددًا منها مثل الطب والقراء والطوالع والرسم وعلم الفلك وتفسير الأحلام.
فضلًا عن حبه كتابة الشعر والخطابة والأدبين اليوناني واللاتيني، وكذلك قرب الشعراء وعلماء الرياضيات، وأهديت له المؤلفات في مختلف العلوم والمعارف.
ليس هذا فحسب، بل اهتم بالمنجمين أيضًا وكان يؤمن بهم ويستعين بهم في وصوله إلى العرش، وقد تنبأ أحد معلميه وهو تيودوروس الجادراني بأنه سيكون طينًا معجونًا بالدماء.
اقرأ أيضًا قيصر روما المقدس أوكتافيوس.. نبذة عن سيرته
اهتمامه بالقراءة والعلم
ومن دلائل اهتمامه بالعلم امتلاكه مكتبة كبيرة ضمت أنواعًا مختلفة من الكتب جمعت ما بين الأدب والفن والفلسفة، وكان قد حصل عليها من جميع أنحاء الإمبراطورية.
وعندما كان تيبيريوس موجودًا في جزيرة رودس كان معظم وقته بين الراحة الجسمية وبين الجلوس في المكتبة أو التجوال في المدينة والحوار مع عالم بالفلسفة أو منجم.
وكانت الثقافة العالية والبراعة في التعامل وكل الأمور التي اكتسبها تيبيريوس بفضل وجوده في القصر، فكان يلتقي الشعراء والملوك والأمراء، وكان يخاطب القادمين من ألمانيا وإنجلترا وفلسطين وسوريا ومصر وإسبانيا والمغرب ويجادلهم ويستمع إليهم، فتعلم منهم كثيرًا من القضايا السياسية، فضلًا عن تأثره بأكتافيوس الذي كان يعد المصلحة هي المقياس الحقيقي للعلاقات.
ولقد ذكرت لنا المصادر التاريخية 3 روايات توضح كيفية تعامله مع الآخرين: الأولى زيارته العالم الإغريقي ديوجين.
فخرج إليه الخادم وأخبره بالعودة بعد 7 أيام، فما كان منه إلا أن عاد إلى قصره، ثم كرر زيارته بعد 7 أيام، على الرغم من أن تيبريوس لا يقبل بمثل هذه التصرفات من أهل العلم والأدب آنذاك.
أما الرواية الثانية فهي ذهابه لمقابلة أحد الأغنياء الذي رفض مقابلته، فعاد تيبريوس إلى قصره ولبس الزي الرسمي التربيون ثم عاد إلى الرجل وقبض عليه وأودعه السجن.
وفي رواية أخرى ذكرت زيارته أحد المستشفيات، وقد أجبرت الإدارة المرضى على ترك أماكنهم والوقوف صفًّا لاستقباله، إلا أنه رفض ذلك وقدم لهم الاعتذار، وبذلك كسب قلوب أهل جزيرة رودس.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.