لم يبق أمام تيبيريوس إلا أن يعلن نفسه وريثًا للعرش الإمبراطوري بالفرح والسرور لا سيما وهو في الخامسة والخمسين، إذ استقبله بالزهد وعدم اللهفة.
وكان يُعرف أنه رجل انطوائي يحب العزلة، فقد أدركته الشيخوخة، وغير محبوب من قبل العامة، في الوقت الذي كان فيه شخصًا قادرًا يمتلك كثيرًا من المميزات.
فقد قضى عمره وهو يتحمل المهام والمسؤوليات، ولكنه ورث من أسرته آل كلاوديوس الأرستقراطية الغطرسة والاعتداد بالنفس والحزم والكبرياء.
اقرأ أيضًا الإمبراطور تيبيريوس بين القصر والجيش
رفض تيبيريوس الحكم
إن اختيار أغسطس لتيبيريوس إمبراطورًا كان موفقًا لأنه جمع دماء أسرتي كلاوديوس وآل يوليوس بعد تبني أغسطس له، ومن مزيج هاتين الأسرتين، تولى 4 من رجالها العرش الإمبراطوري، يعد تيبريوس أولهم.
ظهر تيبيريوس أمام مجلس الشيوخ بعد 4 أسابيع من وفاة الإمبراطور أغسطس، متظاهرًا بعدم قبوله عرش الإمبراطورية، إذ قال أمام المجلس إنه لا يصلح لحكم تلك الدولة مترامية الأطراف.
إلا أن أعضاء المجلس لم يصدقوا ما قاله فحيوه، ويبدو أنه حاول إبداء عدم طمعه بالعرش، أو ربما أراد من أعضاء المجلس أن يطلبوا منه أن يصبح إمبراطورًا على روما.
كان تيبيريوس لا يرغب بعودة الجمهورية القديمة والجمعيات التي هي مصدر السلطات جميعها، بل يميل إلى النظم الديمقراطية.
وفي السنوات الأولى لحكمه أراد تيبيريوس أن يكون ديمقراطيًا، وأن يحافظ على القيم الجمهورية القديمة، فما كان منه إلا أن تعامل مع مجلس السناتو الشيوخ باحترام، ورعاية تاريخ الإمبراطورية.
إذ كان يحضر غالب اجتماعاتهم ويحيل إليهم بعض القضايا حتى لو كانت صغيرة، ومارس دوره في المجلس كأنه عضو عادي، وكان يميل إلى رأي الأقلية، رغبة منه في كسب أعضاء المجلس.
اقرأ أيضًا وصول الأمير ولي العهد تيبيريوس إمبراطورًا
الإمبراطورية المتأخرة
إن ولاية العرش جاءت متأخرة بالنسبة لتيبيريوس، لا سيما وهو في الخامسة والخمسين من عمره كما ذكرنا، فلم يعد للنفس طعمها ورغباتها كما كانت أيام الشباب، لا سيما حياته مع زوجته فيبسانيا، لأصبح تيبيريوس حينها إمبراطورًا سعيدًا أكثر من سلفه الراحل.
إذ إنه في هذا العمر تثقل المسؤولية كاهله، وتجلب التعاسة إليه، فضلًا عن تنامي الخوف على حياته وعرشه، هكذا كان تيبيريوس كما سماه الأديب بليني الأكبر أتعس الناس.
مارس تيبيريوس أعماله في القصر الإمبراطوري، فكان يحصر وقته بين الحضور في مجلس الشيوخ أو استقبال الملوك والسفراء والضيوف، هذه حياته في قصره.
وكثير ما كان يحضر الاحتفالات الدينية والرياضية، والسياسية، والاجتماعية، فمارس دوره في السناتو بصفته أحد أعضائه، وبما أن دار السناتو تمثل دار القضاء فكان عليه أن يحضر مجلس القضاء ويترأس المحاكمات وأن يسهم بصفته مدعيًا عامًا.
وكان يمثل الكاهن الأكبر للديانة الأولمبية، فضلًا عن إدارة شؤون الكهنة والمعابد وتقديم القرابين في مناسبات كثيرة.
هكذا كانت حياة هذا الإمبراطور تسير على روتين ووتيرة مملة، فكان يكره هذه الحياة الرتيبة التي يمارسها في القصر.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.