خاطرة "أين تكمن السعادة؟".. خواطر إنسانية

اعلم يا من تبحث عن السعادة بأن السعادة هي حالة ارتياح تام، وشعور داخلي عميق بالرضا والقناعة، وقبل أن تبحث عن الشعور بالسعادة، يجب أن تعرف بأن السعادة شعور نسبي يختلف باختلاف الأشخاص والأفعال، فما ترتاح له أنت؛ قد لا يرتاح له غيرك، وما يسعدك قد يحزن غيرك، بالمثال يتضح المقال، ففي حالة الموت قد يفرح البعيد لحصوله على الميراث، ويحزن القريب لفقده الحبيب، فالحالة واحدة والمشاعر مختلفة. 

فانظر حولك وتدبر بعقلك؛ فتجد من في الحانات راقصًا سعيدًا بتحطيمه للقيود، ومن في المساجد ساجدًا سعيدًا بتمسكه بالحدود، فهل السعادة في نبذ المبادئ وتحطيم القيود، أم السعادة في إرساء المبادئ والتمسك بالحدود؟ 

في الحقيقة أنك لن تجد الإجابة، ولكن بالتدبر والتفكر قد تصل إليها، فهناك من يجد السعادة في قلبه حي يسعد من حوله، ويصل رحمه ويبر أهله. وهناك من يجدها في تخطي الحدود وترك المبادئ ونبذ القيود. ومنهم من يجدها في الرضا والتسليم، والوحدة والسكون، ومنهم من يجدها في السلطة والقهر، وظلم الغير، ومنهم من يجدها في المال والعيال، وهناك من يقنع نفسه بالسعادة مهما كان الأمر، ولو طاله الذل والقهر والفقر. 

فالحقيقة أن السعادة تكمن بداخلك، أنت فقط الذي تعرف ما يسعدك، فإن وجدتها في القيد فالتزم، وإن وجدتها في الترك فانطلق. وعليك بالرضا رغم صعوبة الأمر. وقد بحثت عن السعادة فلم أجدها إلا في الحب، حب ما تفعل دون إساءة للغير، ولعل أبلغ ما قرأت قول نيكوس كازانتزاكيس في رواية زوربا:

"لا أراك تصلي يا زوربا.

- الذي يصلي بصدق لن تراه.

- هل معنى هذا أنك تصلي؟

- نعم. لا تستطيع قطرة البحر إلا أن تكون في أعماق الموج.

- ولكن كيف تصلي؟ 

- هل تعتقد أنني أصلي صلاة شحاذ وضيع يتذلل من أجل أطماعه ومخاوفه؟ بل أصلي كرجل. 

- وكيف يصلي الرجال؟ 

- بالحب. أقف وكأن الله يسألني: ماذا فعلت منذ آخر صلاة صليتها لتصنع من لحمك روحًا؟ فأقدم تقريري له فأقول: يا رب أحببت فلانًا ومسحت على رأس ضعيف، وحميت امرأة في أحضاني حبًا، وابتسمت لعصفور وقف يغني لي على شرفتي، وتنفست بعمق أمام سحابة جميلة تستحم في ضوء الشمس، وأظل أقدم تقاريري حتى يبتسم الرب. 

- وإن ابتسم.

- نضحك ونتحدث كصديقين مخلصين. 

- ألا تطلب منه شيئًا؟! 

- هو أكرم من أن أطلب منه. طالما نظر فوجد حبًّا صادقًا ونوايا صافية، أعطى. 

- وماذا تفعل عند الخوف؟ 

- أخاف ككل إنسان، ولكن عندي يقين أن شعور الحب يُذهب الخوف. الله محبة." 

وأخيرًا اسعَ في حب الخير ومساعدة الغير فقد تجد السعادة في نهاية الأمر.

حسن خليل سعد الله، كاتب مصرى له العديد من المؤلفات المنشورة فى الكثير من دور النشر المصرية، ما بين التراث والفلسفة والعلوم، ويعمل مديرا للحاسب الالى ببنك التعمير والإسكان

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

هل تحب القراءة؟ كن على اطلاع دائم بآخر الأخبار من خلال الانضمام مجاناً إلى نشرة جوَّك الإلكترونية

مقالات ذات صلة
نبذة عن الكاتب

حسن خليل سعد الله، كاتب مصرى له العديد من المؤلفات المنشورة فى الكثير من دور النشر المصرية، ما بين التراث والفلسفة والعلوم، ويعمل مديرا للحاسب الالى ببنك التعمير والإسكان