دائمًا ما أتساءل بكل استياء وضجر وملل: "لماذا كل هذه الأوساخ والمهملات المكدسة أمام منزلنا كل مرة وكل يوم، حتى بعد تنظيف طوارنا وفنائنا ولو بعد قليل بالضبط؟ ما سر الاتساخ الدائم لفناء دارنا بهذه المهملات مع أنه ليس الجيران بتاتًا من رموها أو هم تسببوا بتكديسها هنا؟"
هذا السؤال الذي دائمًا ما أسأله لنفسي بكل غضب، دائمًا ما يطرح بذاته نفسه بنفسه وكثيرًا ما أجد الإجابة، التي أجدها بسرعة تتمثل لذاتها دون تخمين أو تصور لنفسي. إنها العادة السيئة والشائنة التي دائمًا ما يدأب عليها أكثر أهل الحي، الذي أسكن به وخاصة في أوساط صغاره وشبابه.
ألا وهي إهمال الأوراق وأغطية المواد الغذائية المغلفة والأكياس البلاستيكية في أي مكان في الشارع، ودون الاهتمام برميه في سلة مهملات الحي، أو سلة المهملات في المنزل، وتدفع الريح وإن هاجت وثارت كل هذه المهملات الملقاة نحو اتجاه زقاقنا ليكون فناء منزلنا أول الأمكنة المناسبة لتكدس كل هذه الفضلات. فيغم فناء الدار بمختلف الأوراق والأكياس البلاستيكية وأغلفة الشكولاتة والمواد المحلاة.
لماذا دائمًا وغالبًا ما يحدث كل هذا لمنزلنا وفنائه دون أي سبب وجيه؟ لماذا غالبًا ما أجده مليئًا بأكداس المهملات حتى بعد أن أكنسه وأنظفه منها؟
كل هذا بسبب تلوث حيينا، الذي لم يعد يطاق لا بمكانه ولا بأهله المتسخين عقلًا وقلبًا والمستهترين وعديمي الرقي واللياقة؟ أم بسبب تربية سيئة نشأوا عليها ومنعت عنهم كل معرفة للسلوك السليم والسوي الذي غرسها فيهم أولياؤهم، الذين لا أقل من أن يوصفوا بمنحرفي السلوك والعادات؟
لأن الأولياء والكبار إن كانوا سليمي الأفكار والأخلاق، فإن المجتمع بكامله ورمته سيبقى سليم الأفكار والأخلاق. وبالتالي سيبقى الحي سليمًا نظيفًا خاليًا من المهملات والفضلات، وخاليًا من التلوث بفضل الأفكار السليمة التي تمتنع من إلقاء هذه الفضلات بكل استهتار وعشوائية.
لقد غمت نفسي اختناقًا وقلقًا وضجرًا من التلوث، الذي أصبح يسود حيي بشكل لا يحتمل، والذي أصبح دائمًا ما يستهدف فناء منزلنا؛ بسبب عقليات مريضة ملوثة متسخة لا تعرف قيمة نظافة الشارع أو الحي، والتي جعلت منه مزبلة ترمى فيه الفضلات حيثما كان وأينما كان، متسببة بتلويث الهواء والأجواء وبتكديس المهملات الورقية والبلاستيكية بفعل الرياح، التي تدفعها جالبة إياها أمام منازل الحي مثلما يدفع الغبار والرمل إلى أي اتجاه.
لقد غمت نفسي من سلوك الصغار والشباب والجيل الفاقد لآداب السلوك؛ بسبب تربية مشوهة منقوصة أنشأها عليهم أولياؤهم الذين لا يكترثون لتبعات التلوث كخطر محدق بالحياة.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.