خاطرة "قصة حب لم تكتمل".. خواطر وجدانية

كان يومًا مشهودًا، ذلك اليوم الذي لمحتها فيه مجددًا بين جموع من الناس ووسط ازدحام وجوه عدة..

لم يكن وجهها ليخفى عليَّ رغم مرور وقت طويل على رؤيتي لها آخر مرة.. كانت تقاسيمه وتعابيره فريدة ومتفردة لدي، حتى إنه بإمكاني تمييزه من بين العشرات، أو حتى المئات من الوجوه المختلفة..

تقفيت أثر مشيها خلسة، كانت تسير بخُطى سريعة، سير الواثق الذي يعرف مقصده..  كعادتها القديمة، لا تلتفت لا على يمينها ولا على شمالها ولا خلقها..

وأنا أسير وراءها خفية محاولًا عدم إثارة انتباه أي كان حول هذا الأمر، كانت مفاجئتي كبيرة وأنا أكتشف أنها ماضية بكل ثبات للمكان الذي جئت قادمًا من أجل زيارته.. 

كانت دقات قلبي تتسارع مع مرور الدقائق، ومع اقترابنا أكثر فأكثر من المكان، الذي لم يكن سوى تلك الربوة الصغيرة المطلة على البحر، والتي كانت مسرح أول موعد ولقاء بيننا والشاهدة على المحادثة الأولى التي دارت بيننا.. 

صعدت قمة الربوة وجلست على الصخرة نفسها التي ألفت أن تقعد عليها، فأطلقت العنان لبصرها ليمتد على امتداد البحر.. وفي حين هي غارقة في كتاب ذكرياتها، تقلب صفحاته وتتلمس صور أحداثه، أحسَّت بخطوات شخص يقترب منها ويقصد الصخرة المقابلة التي كانت هي مقعدي الخاص في اللقاءات كلها التي جمعتنا في الماضي..

وأنا أرفع رأسي لألقي عليها نظراتي الاعتيادية، لاحظت أن وجهها قد علته دهشة ممزوجة بفرحة ذكرتني بالنشوة التي كانت تعترينا عند كل لقاءاتنا..

كما في السابق، تبادلنا نفس الابتسامة ونفس النظرات الفاحصة كما لو أننا نكتشف بعضنا للمرة الأولى.. 

سألتني: كم عمرك الآن؟ 

أجبتها:  بالعقل أم بالجسد؟ 

قالت: بالعقل.. 

قلت: لا تقاس العقول بالأعمار.. 

قالت: إذن بالجسد؟ 

قلت: لم يدل الجسد يومًا عن العمر .. 

حَارَت وقالت لي: إذن كم عشت حتى الآن؟! 

قلت: بالنبضات أم بالأرقام؟! 

ضحكت وقالت بالأرقام.. 

قلت: الترقيم قانون لا يسري على القلوب والقلب عرش الجسد.. 

قالت: إذن بالنبضات.. 

قلت: تقاس نبضة الحزن بالدهر.. 

ونبضة الفرح بالثانية.. 

ولو كنت أذكر لحظات الفرح لجمعت لك رقمًا قريبًا.. 

قالت: وكيف أعرف عمرك الآن؟ 

قلت: ليس لمعرفة العمر أهمية في شيء..

العمر تنظيم صحي فقط... 

دعي عنك كل هذا.. 

الحب الحقيقي..  

هو أن نزرع في طريق من نحبهم وردة حمراء ..  

ونزرع في خيالهم حكاية جميلة..  

ونزرع في قلوبهم نبضات صادقة..  

ثم لا ننتظر أي مقابل.. 

(يتبع)

كاتب من جنسية مغربية عاشق للكتابة في كل المجالات الأدبية والفنية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية وكذا الرياضية. مهتم أيضا بالظواهر العلمية التي لها علاقة بالواقع الحالي كالتغيرات المناخية والزلازل و الفيضانات ...

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

نوفمبر 17, 2023, 1:05 م

محتوى جيد جدا ينم عن حس رومانسي عالي. تعجبني كثيرا كتاباته.

أضف ردا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

نوفمبر 17, 2023, 5:20 م

اسلوب سلس ينقلك الي حيث المشاهد والصور ولربما حرك فيك شجن قديم .
العنوان يلامس وجدان من يقرأ فكم من حب حقيقي لم تكتمل فصوله ولم يتوج بما يتمنى المحبين إن قدر العشاق العزاب.

أضف ردا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

نوفمبر 24, 2023, 11:48 م

يسعدني ويشرفني جدا، أخي أسامة، أن تكون خاطرتي قد نالت إعجابك وشهادتك وسام أضعه على صدري وأنا جد ممتن لذلك. وسأكون أسعد إذا أصبحت أحد متابعي مقالاتي حتى أستفيد من آرائك القيمة والمتبصرة فيها لما لمسته فيك من حس إبداعي ونظرة ثاقبة تميزك عن الآخرين. شكرا جزيلا لك عزيزي...

أضف ردا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

هل تحب القراءة؟ كن على اطلاع دائم بآخر الأخبار من خلال الانضمام مجاناً إلى نشرة جوَّك الإلكترونية

مقالات ذات صلة
نوفمبر 29, 2023, 2:41 م - يغمور امازيغ
نوفمبر 29, 2023, 11:15 ص - جوَّك لايف ستايل
نوفمبر 29, 2023, 8:24 ص - غزلان نعناع
نوفمبر 29, 2023, 7:31 ص - سادين عمار يوسف
نوفمبر 28, 2023, 7:06 ص - أسماء مداني
نوفمبر 27, 2023, 2:42 م - براءة عمر
نوفمبر 27, 2023, 1:17 م - عزوز فوزية
نوفمبر 27, 2023, 6:34 ص - بشرى حسن الاحمد
نوفمبر 26, 2023, 2:24 م - إبراهيم محمد عبد الجليل
نوفمبر 26, 2023, 10:15 ص - ايه احمد عبدالله
نوفمبر 26, 2023, 9:51 ص - ليلى أحمد حسن مقبول
نوفمبر 26, 2023, 9:27 ص - رولا حسن ابو رميشان
نوفمبر 26, 2023, 8:03 ص - رولا حسن ابو رميشان
نوفمبر 26, 2023, 7:52 ص - رولا حسن ابو رميشان
نوفمبر 26, 2023, 7:35 ص - رولا حسن ابو رميشان
نوفمبر 26, 2023, 7:01 ص - محمد بخات
نوفمبر 26, 2023, 6:32 ص - رولا حسن ابو رميشان
نوفمبر 23, 2023, 12:46 م - رانيا بسام ابوكويك
نوفمبر 23, 2023, 10:41 ص - سفيان صابر الشاوش
نوفمبر 23, 2023, 7:26 ص - سفيان صابر الشاوش
نوفمبر 22, 2023, 2:20 م - محمد سمير سيد علي
نوفمبر 22, 2023, 2:00 م - عبدالخالق كلاليب
نوفمبر 22, 2023, 6:45 ص - محمد بخات
نوفمبر 21, 2023, 8:51 ص - مدبولي ماهر مدبولي
نوفمبر 20, 2023, 7:41 ص - هاجر فايز سعيد
نوفمبر 19, 2023, 1:27 م - يغمور امازيغ
نوفمبر 19, 2023, 1:07 م - محمد بخات
نوفمبر 19, 2023, 12:07 م - أسرار الدحان
نوفمبر 19, 2023, 11:06 ص - محمد محمد صالح عجيلي
نوفمبر 19, 2023, 10:03 ص - فاطمة محمد على
نوفمبر 19, 2023, 7:49 ص - شاكر علي احمد عبدالجبار
نوفمبر 18, 2023, 1:15 م - جوَّك لايف ستايل
نوفمبر 18, 2023, 11:36 ص - سفيان صابر الشاوش
نوفمبر 18, 2023, 10:56 ص - سفيان صابر الشاوش
نوفمبر 18, 2023, 8:09 ص - شيماء عبد الشافي عبد الحميد
نوفمبر 17, 2023, 6:13 ص - يغمور امازيغ
نوفمبر 16, 2023, 9:20 ص - جوَّك آداب
نوفمبر 16, 2023, 8:13 ص - جوَّك لايف ستايل
نوفمبر 15, 2023, 6:01 م - كامش الهام
نوفمبر 15, 2023, 2:57 م - فاطمة حكمت حسن
نوفمبر 15, 2023, 12:21 م - ساره محمود
نوفمبر 15, 2023, 11:00 ص - يغمور امازيغ
نوفمبر 15, 2023, 9:50 ص - ميساء محمد ديب وهبة
نوفمبر 15, 2023, 9:05 ص - سمسم مختار ليشع سعد
نوفمبر 15, 2023, 8:56 ص - حسن خليل سعد الله
نوفمبر 15, 2023, 7:54 ص - عمرو عبد الحكيم عوض التهامي
نوفمبر 14, 2023, 4:39 م - رزان الفرزدق مصطفى
نوفمبر 14, 2023, 4:16 م - يغمور امازيغ
نوفمبر 14, 2023, 1:22 م - شهير عادل الغاياتي
نوفمبر 14, 2023, 9:41 ص - أسماء مداني
نوفمبر 14, 2023, 6:27 ص - أسماء منصور علي
نوفمبر 14, 2023, 5:24 ص - فاطمة حكمت حسن
نوفمبر 13, 2023, 11:17 ص - فاطمة حكمت حسن
نوفمبر 13, 2023, 8:08 ص - جوَّك لايف ستايل
نوفمبر 13, 2023, 6:43 ص - رؤى مالك القاضي
نوفمبر 12, 2023, 2:15 م - ميساء محمد ديب وهبة
نوفمبر 12, 2023, 9:02 ص - فاطمة حكمت حسن
نوفمبر 12, 2023, 8:47 ص - حسن خليل سعد الله
نوفمبر 12, 2023, 6:13 ص - شهير عادل الغاياتي
نوفمبر 12, 2023, 5:58 ص - موبارك حورية
نوفمبر 11, 2023, 4:56 م - عبدالحليم ماهاما دادولا عيدالرحمن
نوفمبر 11, 2023, 3:32 م - حسام الدين محمد حافظ حسين
نوفمبر 11, 2023, 1:20 م - فاطمة محمد على
نوفمبر 11, 2023, 8:03 ص - نضال الغفاري فضل السيد
نوفمبر 11, 2023, 7:05 ص - جوَّك لايف ستايل
نوفمبر 11, 2023, 6:57 ص - اكرام لهواسة
نبذة عن الكاتب

كاتب من جنسية مغربية عاشق للكتابة في كل المجالات الأدبية والفنية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية وكذا الرياضية. مهتم أيضا بالظواهر العلمية التي لها علاقة بالواقع الحالي كالتغيرات المناخية والزلازل و الفيضانات ...