بمناسبة الانتخابات.. من انتخبتِ يا ميرندا؟ هل أدَّيت واجبك الانتخابي أم قاطعته؟ ألا تزالين ثائرة كما كنتِ؟ أتحلمين بمستقبل أفضل كما عهدتك؟ ألا تزال نار الثورة والتمرد والحرية تشتعل في عينيك أم انطفأت؟
أنا انتخبت واعلم أنك تعرفين من دون أن تسأليني، طيبة قلبي وسذاجتي ونصرتي للمستضعفين والحمقى والمجانين لا تزال كما هي...
إني أتذكرك في كل المناسبات، تافهة كانت أو قيمة، فكيف أنساك مثل يوم كهذا؟ عرس الوطن.. لطالما كنت أعد السياسة والساسة والانتخابات والديمقراطية والكراسي مجرد تفاهات وترهات، وأن صوتي لن يغير شيئًا..
ولكني نضجت الآن وصرت متيقنا أن الوطن يحتاجنا.. تمامًا كما أحتاجكِ الآن وكما احتجتك في كامل مراحل حياتي ولم أجدك.. تخيلي ألا يجد الوطن عشاقه في يوم كهذا؟ لا أريد أن يبكي الوطن مثلما بكيتك أنا.. إن مرارة الفقدان والخذلان والحنين لا يتحملها سوى الإنسان.. أما الأوطان فلا... لذلك تحمل الإنسان وحده رسالة الرب بعد أن خشتها الجبال...
أما سبب تغير تفكيري هكذا بعد أن كنت غير مبالٍ بالوطن والمستقبل... تخيلتُ لوهلة أني قد أنساك يومًا وأحب امرأة أخرى. وقد يكون لي ابن أو حفيد... تخيلت لوهلة أن يحب ابني ابنتك، أو أن يعشق حفيدي حفيدتك.. وأن يُرْفَض للأسباب نفسها التي رفض جده من أجلها في الماضي.. المستقبل.. ماذا لو لم يكن لابني مستقبل؟ إنه من المؤلم جدًا أن يسجن الرجل في محراب الماضي...
هذه رسالتي لك بمناسبة الانتخابات، وإني لم أنساك أبدًا خلال كل هذه السنين، وكتبتُ لك آلاف الرسائل والقصائد، ولكني لم أرسلها إليك.. من أجلك؛ تفاديًا لبعض المشكلات التي قد تسببها كتاباتي ورفعًا للحرج..
يخيل لي أحيانًا أنك تزوجتِ.. وأنك سافرت خارج البلاد.. أنا الذي أبحث عن وجهك في كل النساء والأماكن.. في الأسواق.. في المقاهي في المسارح.. وفي كل الندوات الشعرية التي يستدعونني إليها.. وفي كل مكان أذهب إليه..
وإني أود إخبارك أني تحدثت عنك في الأماكن جميعها التي استدعيت إليها.. وأن الكثير من الشعراء ورواد الشعر يعرفونك جيدًا.. أنا الشاعر الذي ينزف أما أنتِ من نال شهرة كتاباتي.
ويخيل لي أحيانًا أنك أصبحتِ بدينة .. طويلة أو هزيلة.. أفكر في كل الاحتمالات ولكن المؤكد أنك أصبحت جميلة وأجمل.. أنت التي كنتِ تقولين إن الزهرة لا قدر لها سوى أن تزهر وتزهر ثم تزهر..
آهٍ يا ميرندا... بالمناسبة هل أعجبك اسمك المستعار؟ لقد غيرت اسمك حتى لا يعرف أصدقاؤنا المشتركون أنني لا أزال مسجونًا في محراب الماضي.. أنا الذي يدعي بقوة القوة والتحرر...
إن السنوات التي مرَّت من دونك لم أشعر بها... كيف تتعاقب الفصول هكذا دون أن أرى الشمس أو القمر.. دون أن أحس بالحرارة، ودون أن أتعرق، ودون أن أتلذذ بالمطر، ودون أن أحضن خيالك.. هل أصبحت الفصول كلها جافة أم أن هذا السجن منفصل عن العالم؟
ها أنا عدتُ مرة أخرى أتحدث عنك، وقد كنت أتحدث عن الانتخابات والوطن... أتعرفين لماذا لا أراسلك.. ولماذا كرهت الكتابة؟ لأني غير مستقل، لأني كلما تناولت موضوعًا للكتابة أو النقد إلا وانحرفت عن المسار وكتبت لكِ أنتِ... في السراء والضراء وفي الأحزان والأفراح.. في كل الأوقات التي أكتب فيها وأتنفس فيها أتحدث عنك.. يبدو أن قلبي لا ينبض إلا لكِ..
بالمناسبة كم هي جميلة بلادنا بالديمقراطية..
وكم أنتِ جميلة يا ميرندا بالحجاب.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.