يدلف أبو ماجد إلى الصالة، ويشاهد أم ماجد ساهمة تفكر ولم تنتبه لمجيئه..
- أم ماجد مالك شاردة الذهن؟! دخلت للتو ولم تقولي شيئًا؟!
- لا أدري يا أبا ماجد أفكر في العروس التي سأخطبها لعلي!
- وما المشكلة في ذلك! ابحثي له عن عروس وفق مواصفاته.
- أرى أن الوقت مبكرًا للتفكير في أن نخطب له ويتزوج.
- أنت على حق، أضيفي إلى ذلك ليس لدي المال الكافي لأساعده في نفقات الخطبة والزواج وتوابعهما، أنت ترين البنات ستر الله عليهما يساعدان في مصروف البيت ودفع إيجاره.
- على العموم فكرت في حل لهذه المشكلة، في أن أسافر وآخذ حصتي في ميراث والدي رحمه الله.
- عين العقل يا أم ماجد، في الأقل نزوجه وأخيه عادل قبل الممات.
- العمر الطويل لك يا أبا ماجد، بإذن الله نعيش لنرى حفدتهما.
- اللهم آمين، ويرزق البنات الأزواج الصالحون مثل أختهن هناء.
- يا كريم يا الله.
هناء وصالح يتناولان طعام الإفطار، ترتشف قليلًا من الشاي، وتنظر إليه مخاطبة:
- ما رأيك يا صالح أن نذهب اليوم لزيارة أهلي؟
- فكرة صائبة، اشتقت لطعام عمتي أم ماجد.
- أرأيت طعام أمي لا مثيل له، نفسها طيب في الأكل.
- هذا صحيح أطال الله في عمرها وعمي أبو ماجد هما بركتنا.
يطرق وترتسم ابتسامة هادئة على وجهه وهو ينظر إليها:
- أريدك هكذا تعدي لي طعامًا كطعام عمتي حفظها الله.
- لا تقلق سنذهب اليوم عندهم وتأكل حتى تشبع.
تنتابه ضحكة ويضرب كفه بكفها.
في المشفى وفي غرفة الممرضات تسجل وفاء أسماء المريضات اللاتي سمح لهن الطبيب في المغادرة إلى البيت، تمر المسؤولة شريفة وتنظر إليها نظرات تعجب:
- ممرضة وفاء مساء الخير؟!
- أهلًا حضرة المسؤولة شريفة، سامحيني لم أنتبه إليك.
- أراك مشغولة البال هل أنت بخير؟!
- الحمد لله بخير، لكن هناك ظروف في البيت تقلقني.
- لا تشغلي بالك ما زلت صغيرة على هموم الدنيا.
- مع حقك لا زلت صغيرة!!
تنهض وتغادر تتمتم في سرها: «صغيرة نعم، لكنني كبرت عشرون عامًا منذ أن ألقي على كاهلي وأختي سعاد مسؤولية الإنفاق على البيت، وإخوتي يلهثون وراء الزواج، متناسين عمدًا متطلبات البيت وحاجة أبي لمن يساعده في مصروفات البيت، نعم صغيرة تحملت أنا وأختي هم الحياة منذ مطلع تخرجنا، لم يعبأ بمشاعرنا وهمومنا أحد!! حتى جنى هذا الهم على حياة أختي وتطلَّقت بسببه»!
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.