في بيت صغير توجد ثلاث فتيات لكل منهن حلمها، تقول الأولى أنها تريد الزواج بطباخ الملك، والثانية تقول تريد الزواج بخادم الملك، والثالثة تقول إنها تريد الزواج بالملك. قالت الأختان وهما تضحكان: ماذا تحسبين نفسك هه لكي تتزوجي بالملك"؟ فقالت لهما: أنا أريد أن أحبه فقط ولا شيء آخر.
وبالصدفة كان الملك ذلك اليوم يتجول في المدينة، وسمع حديثهن، ووضع علامة حمراء على المنزل لتعليمهم، وفي الصباح أرسل حارسًا لكي يحضرهن إليه.
أتوا إليه وهم يرتعشن خوفًا.. سأل الأولى بمن تريدين الزواج، قالت طباخك سيدي، قال لها إنه ملكك، والثانية من تريدين؟ خادمك سيدي. قال إنه لك. وقال للثالثة ومن تريدين أنتِ؟ عمَّ السكوت في القاعة وخافت أن ترد عليه.. فقالت له الأخت الكبرى باستهزاء: أنت يا سيدي.
فقال أريد سماعها منها، فصرخ من تريدين أنتِ؟ قالت بصوت منخفض أنت سيدي. فرد: أنا لكِ، ستقام الأعراس الثلاثة في اليوم نفسه، وفعلًا أقيمت الأعراس وكان قلب الأختين مملوءًا بالحقد اتجاه أختهم الصغيرة؛ لأنها أعلى منهم مقامًا.
مرَّت الأيام والسنين، ورزقت الأخت الصغرى والملك ببنت وولد توأم، ازداد حقد الأختين لأنها أصغر منهما ورزقت بأولاد قبلهما، فخططتا لمكيدة لأختهما الصغرى.. واستغلتا أن الملك ذاهب إلى منتداه، واتفقتا على خطف الطفلين، والقول بأن أمهما هي من قتلتهما، وذلك ما فعلتاه، وضعتا الطفلين في سلة إلى النهر وأرسلوهما مع جريان المياه.
فعاد الملك ووسوستا في رأسه أنه زوجته قتلتهما، فأتى وهو غاضب جدًا، فقال لها أين هما ولداي؟ فقالت: لا أعرف عن ماذا تقول؟ أنا أيضًا لا أعرف.
قال: بلى، قتلت ولداي، ومن ثم سجنها. بالنسبة للطفلين فوجدتها امرأة عجوز هي وزوجها، فربتهما إلى أن وصلا عمر (19) سنة، وبعدها ماتت المرأة العجوز، ومن ثم أخبرهما العجوز أنه ليس أباهما ومات بعدها.
عرفت الأختان أن الطفلين لا يزالا على قيد الحياة، فتنكرت الكبرى وذهبت إلى منزلهما، دخلت فوجدت الفتاة فقالت لها: مرحبًا يا حبيبتي أنا صديقة أمك، هل أنت بخير؟ ردَّت قائلة: نعم، ادخلي يا سيدتي. قالت: منزلك جميل، لكن تنقصه شجرة عجائب ذهبية. قالت: ماذا؟ فردَّت قائلة: إنها شجرة وعلى الفتاة أن تذهب لجبل العجائب وتجلب ورقة ذهبية تغرسها في يوم غد وبالمقابل ستجد شجرة جميلة.
كانت خطتها من كل هذا أن يذهب الفتى إلى جبل العجائب فيموت وتموت الفتاة حسرة على أخيها. أتى أخوها ليلًا فبدأت تبكي وطلبته لكي يذهب لجبل العجائب ويحضر لها ورقة من شجرة العجائب، فوافق بعد إصرار أخته وبكائها، فذهب بفارسه والتقى رجلًا عجوزًا وأخبره قصته.
فقال له: سأعطيك نصيحة الشجرة يحرسها ثعبان إن وجدته رافعًا رأسه فهو نائم، وإن وجدته غامًا على وجهه فإنه يخدعك. ذهب ووجده رافعًا رأسه، فأمسك ورقة من الشجرة وذهب وأعطاها لأخته، غرستها الفتاة وذهبت لتنام، وفي الغد عادت الخالة الكبرى وجن جنونها فقالت للفتاة: ينقصك شيئان فقط. قالت ما هما؟ قالت: نافورة ماء سحرية وغرابًا ذهبيًّا، فقالت: سأقنع أخي.
جاء أخوها فبدأت بالبكاء، قال لها حسنًا، لكن خذي هذه المرآة ستعرفين ما خطورة الأمر وإن أصابني مكروه.
سافر إلى جبل العجائب والتقى عجوزًا قال له إن النافورة يحرسها أسد، إذا أقفل عينيه فهو غير نائم، وإن كان فاتحًا عينيه فهو نائم، أما الغراب إذا فتح جناحيه فهو منشغل، وإن أقفلهما فهو يخدعك.
ذهب إلى النافورة ووجد الأسد قافلًا عينيه، راقبه حتى فتحهما وهو يمسك بالقليل من الماء، وذهب إلى الغراب وجده قافلًا جناحيه فانقض عليه، فرآه الغراب فتحجر.
رأت أخته ما حصل في المرآة، فأمسكت حصانها وذهبت مسرعة، التقت العجوز فوبخها وقال لها إنها أخت أنانية أرسلت أخاها إلى المخاطر من أجل مصالحها.
بكت وقالت: كيف أنقذ أخي. قال: امسكي ماء من النافورة العجيبة وارمها على أخيك. وذلك ما فعلت، حملت الماء ورمته على أخيها فتحرر، وأمسكت الغراب فحصلت عليه.
لما رجعا إلى المنزل عادت الخالة الشريرة، فوبخها الأخ وقال: ابتعدي عن أختي. فذهبت وهي غاضبة، وأوقعت صورة فمسكها الأخ وعندما فتحها وجد نفسه مع أخته والملك والملكة عندما كانا صغيرين .
ذهابا بسرعة مع الصورة إلى القصر، دخل إلى ملك مباشرة ثم رآها الملك، حضن ولديه، ومن ثم ذهب ليخبر أخوات زوجته بما حصل، كانتا تأكلان وعندما دخل قال لهما: إني وجدت أولادي. فخافتا وصرختا: لا لست أنا، هي من خطفت أولادك، ووضعتهما في سلة في الماء.
صرخ ملك: ماذا! فبلعت الكبرى ما كانت تأكله من الخوف فاختنقت وماتت، والثانية هربت مسرعة ووقعت في بئر.
قال الأولاد أين هي أمنا؟ فبكى وقال: إنها في السجن. ذهبا مسرعين فوجدوها تصلي، انتظروا حتى أكملت الصلاة فحضناها.
اعتذر الملك منها.. فقالت: أنا كل هذه السنين أدعو إلى رب العالمين أن يسرع براءتي، كنتُ أتألم لأن تهمتي قتل ولداي، أنا أسامحك لأن الخطأ ليس خطؤك بل خطأ أختاي.
النهاية.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.