بعض الناس تفضل قراءة القصص التي تحتوي الإثارة والغموض، وبعضهم يفضل القصص والروايات الرومانسية، إلا أن بعض الناس لا سيما في المنطقة العربية يفضلون القصص الحزينة، التي تملؤها الأحداث والدراما التي تؤدي أحيانًا إلى البكاء.
وفي هذا المقال نقدم لك قصةً حزينةً ومبكيةً قريبةً جدًّا من الواقع، وقد تحدث لأي شخص نعرفه.
اقرأ أيضاً 3 من قصص الأطفال قبل النوم.. احكها إلى طفلك
قصة حزينة ومبكية مكتوبة
يحكى أن رجلًا تاجرًا كبيرًا كان يعمل في مجال العطارة وتجارة العطور، وكان يملك مجموعة من المحال والمخازن في مدينة بغداد العاصمة العراقية الكبيرة، وكان لهذا الرجل ولدان عاصم ومعتصم، وكان عاصم الولد الأكبر لكنه لا يحب العمل، ويفضل الراحة واللعب واللهو، ولا يهتم كثيرًا بمساعدة أبيه العطار المشهور أبي السعد البغدادي، حين كان أخوه الصغير معتصم دائمًا ما يساعد أباه في أعماله وتجارته، وكان الناس يحبونه لأدبه وأخلاقه وبشاشة وجهه.
وفي أحد الأيام راهن عاصم أصدقاءه على أن يشرب زجاجة خمر كاملة في دقيقة واحدة، وحينما بدأ الرهان لم يستطع أن يكمل زجاجة الخمر وسقط مغشيًا عليه، وحينما أفاق ذهب إلى بيته وهو يترنح، وصعد السلم وهو يكاد أن يقع، وإذا به يجد أباه أمامه عائدًا من صلاة الفجر، فما كان من الأب إلا أن صاح في وجه ابنه قائلًا:
- ماذا تفعل بنفسك يا عاصم؟ لقد أصبحت حديث المدينة، كلهم يتكلمون عن الولد الفاسد ابن العطار المشهور، ألا يكفي أنك لا تعمل ولا تصلي ولا تفعل شيئًا مفيدًا؟ أتشرب الخمر أيضًا؟ وماذا بعد ذلك إلا الضياع في الدنيا والآخرة، انظر إلى أخيك الصغير كيف يساعدني في العمل، ويصلي ويحبه الناس جميعًا على اختلاف أصنافهم.
دخل عاصم إلى غرفته وهو في منتهى الغضب من كلام أبيه، وقال لنفسه:
- لا بد أن أتصرف في هذا الأمر، فكيف يحب أبي أخي الصغير إلى هذه الدرجة، ولا يحبني مثله، لا بد أن أنتزع حقي في أبي وأملاكه وأتصرف كما أشاء.
وفعلًا بدأ عاصم يخطط لسرقة أموال أبيه حتى حصل على مفتاح الخزنة وأخذ كل الأموال الموجودة فيها في أثناء ذهاب أبيه وأخيه إلى صلاة الفجر، وحين عاد الأب والأخ وجدوا الخزنة خالية من الأموال والأوراق المهمة، فسقط الرجل على الأرض، وصرخ الابن الصغير معتصم:
- أبي، أبي، فداك الدنيا كلها وما فيها، أبي، أب، تكلم وأسمعني صوتك.
إلا أن الأب المصدوم راح ضحية فعل ابنه الكبير ومات غاضبًا عليه.
مرت الأيام وبدأ الابن الصغير معتصم يسد الديون للتجار ويعوض الأموال التي سرقت، فباع بعض المخازن والمحال، وبدأت تجارته تنمو من جديد.
وفي أحد الأيام وجد أخاه عائدًا إليه بعد أن أنفق كل الأموال التي سرقها يطالبه بنصف ما يملك لأنه يعد نفسه شريكًا في هذه الأموال.
قال معتصم:
- يا أخي، لقد سرقت كل الأموال الموجودة في الخزنة، ومات أبي نتيجة فعلتك، وجاء إلينا التجار يطلبون أموالهم حتى سددتها كلها، فأين حقك؟
قال له عاصم:
- إن لي نصف ما تملك، وإلا سأذهب إلى القاضي، فأنت الآن تسرق ميراثي فأعطني النصف.
فما كان من أخيه إلا أن أعطاه المخزن المتبقي بما فيه من بضاعة، وكذلك أعطاه 10,000 دينار نصف ما يملك من أموال، وذهب كل منهما في طريقه.
وبعد مرور عام جاءت الشرطة إلى معتصم لتبلغه أن أخاه موجود في السجن، وأنه مدين لبعض الناس بأموال وبضائع، وعليه أن يسد ما عليه من ديون وإلا سيقضي في السجن عشرة أعوام.
جلس معتصم يفكر ماذا سيفعل مع أخيه، فتذكر وجه أبيه الطيب البشوش وقال لنفسه:
- سأقف مع أخي مهما كانت الظروف، وذهب ليبيع بضاعته ودكانه لأحد التجار ثم أخذ الأموال ودفعها ليسد دين أخيه، وعندما خرج عاصم من السجن جلس يبكي ويقول له:
- يا أخي، لقد سرقت مالك وتسببت بموت أبينا، ثم عدت لآخذ نصف ما تملك فأعطيتني ما طلبت بسلام، والآن تبيع كل ما تملك وتدفع ديني، لماذا تفعل ذلك؟
قال معتصم:
- أفعل ذلك لسببين؛ أولهما أنني أعمل بوصية أبي وبأخلاقه، وأترك كل أموري لله، وثانيهما أنك أخي رغم كل شيء، ورغم كل ما فعلت، فإنني سأبقى إلى آخر عمري جانبك لعل الله يصلح أحوالك ويجعلك شخصًا أفضل.
وفي هذه اللحظة نزلت الدموع بغزارة من عين الأخ الأكبر عاصم، وقال:
- أشهد الله وأشهدك يا أخي أنني سأكون شخصًا ملتزمًا بأخلاق أبي، وسأصبح مثالًا يحتذى به، وسأتغير إلى الأفضل لعل الله يسامحني، ولعل أبي يسامحني، ولعلي أستطيع أن أرد هذا الدين إليك يا أخي الحبيب.
فقال معتصم:
- لا تقلق من ديني، فأنا أسامحك، وسنعمل معًا لنعيد اسم أبينا وتجارته وسمعته الطيبة بين الناس ما دمنا معًا يا أخي، وكل منا يحب أخاه ويخلص له.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.