كنتُ صغيرة في عمر 4 سنوات حين تركتني أمي وحيدة وذهبتْ لكي تتجوز شخصًا آخر؛ لأنها عانت قساوة أبي، فعندما ذهبت انكبت كل قساوته عليَّ، فكان يريد إرغامي على الزواج في سن ١١ سنة، ولحسن حظي لم توافق العائلة لصغر سني.
عندما بلغت سن ١٨ سنة زوجني أبي ولم يتردد.. العائلة كلها قالت له اتركها تكمل دراستها لكنه رفض رغم إصرارهم..
عائلة زوجي كانت جيدة، أكملتُ دراستي وزوجي كان يأتي في السنة شهرًا واحدًا فقط رغم أنه كان قاسيًّا في طبعه فإنني كنت أتحمله..
في عودة زوجي الأخيرة، أتى ومعه ورقة طلاقي قائلًا لي "أحببت فتاة أجنبية، فأنا لم أحبك أبدًا".. وقعتها وأنا أمسك دموعي كي لا أكون ضعيفة، لم أبكِ لأنني أحبه بل لأن أحلامي تحطمت من قبله ومن قبل أبي.
حملتُ حقيبتي وخرجت، لم ألتفت قط، ذهبت لبيت أبي فلم أجده في المنزل، علمت من الجيران أنه سافر بمهري إلى دولة أجنبية.
مسكت المفتاح من خالتي وهي المرأة التي كانت تستأجرنا المنزل، وجدت أنه أخذ معه كل شيء، اضطررت أن أبيع السلسلة التي أهدتني أمي إياها. اشتريت أشياء بسيطة كوسادة وقنينة وغاز وسرير وغطاء.. وخزنت الباقي لكي أضيف عليه مال الجامعة.
ذات يوم وأنا مستلقية على فراشي أتمعن في حياتي، طرق أحد باب، وكانت تلك الطرقة قادرة على تغيير حياتي، كانت فتاة صغيرة علقت رجلها بدراجة، فطرقت على بابي لكي أساعدها.. فسكبت صابونًا لكي أتمكن من إخراج رجلها بسرعة.
شكرتني، وقلت لها: أين تسكنين يا حبيبتي؟ قالت: في آخر شارع. قلت لها: بإمكانك الدخول.. هل لديك رقم أحد من عائلتك؟ قالت: نعم..
أخرجت ورقة مكتوب فيه "أبي".. اتصلت به.. رد قائلًا: مرحبًا أنا هاجر، ابنتك معي فلم تستطع العودة إلى المنزل، هل يمكنك القدوم من فضلك إلى منزل ١٥ شارع ٢؟
قال: حسنًا أنا آتٍ بسرعة.. وأمسك بيد ابنته وشكرني وذهب. قلت في نفسي قصة ومضت لن أراهما مرة أخرى.
في منتصف الليل، نهضت لكي أشرب، ومن ثم أمسكت هاتفي لأتفقد الرسائل، فتفاجأت بأب الفتاة يرسل لي رسالة "شكرًا لك للمساعدة أريد دعوتك إلى الغداء من فضلك وافقي"..
قلت له: سأحاول.. فقال: أرجوك. قلت له: حسنًا سأخرج من الجامعة وأتي..
قال: سآتي لأقلك بعد خروجك من الجامعة. قلت له: لا، سآتي وحدي.. قال: لا، أنا أصل فلن تتعرفي على المطعم. قلت له: حسنًا.. وأصررت على أن يحضر طفلته معه.
مضى اليوم بسرعة في الجامعة، خرجت ووجدته ينتظر، صعدت السيارة وسلمت على فتاته.. فقال لي مرحبًا..
ذهبنا للمقهى وجلسنا، فأتت الفتاة إلى حضني وأعطاني وردة. قلت لها شكرًا.. فقال أبوها سأدخل في الموضوع.. أنا قد أعجبت فيك.. لا لا تتكلمي أعلم أنك مطلقة فأنا أحبك منذ مدة طويلة.
فعندما تزوجتِ تحطمت وأهملت طفلتي، أرجوك أعطني فرصة. قلت له: أنا تحطمت تجاه الزواج وماذا عن أم الفتاة؟ رد: أمها ماتت عند ولادتها لفتاتي مريم.. قلت له إنني سأحاول وأفكر وأرد إليه خبرًا.
مرَّت ثلاثة أيام وأنا لم أستطع الرد عليه، ذات يوم في الصباح وجدته أمام البيت، فواجهته قائلة: سأقبل شرط أن أكمل دراستي، فحلمي أن أصبح طبيبة والزواج لن يوقفني، فوافق مسرعًا..
أكملتُ دراستي في الجامعة، أصبحتُ طبيبة وتزوجنا وعشنا أنا ومريم وبناتنا ياسمين ومراد معًا في سعادة.
نوفمبر 20, 2023, 11:36 ص
جميل جدا
نوفمبر 20, 2023, 2:12 م
جميل كتابة رائعة واصلي
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.