بدأ أعضاء الحكومة الثلاثية الثانية تنفيذ مهامهم بطريقة دموية، تمثلت في وضع غير المرغوب بهم في قائمة سوداء عرفت اصطلاحًا بـ"بروسكربشن ـProscription"، وصفُّوهم جسديًّا واستولوا على ممتلكاتهم وصادروها.
وأكد الثلاثة أن سبب ذلك لأن مصلحة الدولة تقتضي تطهير روما من عناصر الفساد قبل الشروع بملاحقة قتلة قيصر.
اقرأ أيضًا الأحوال في روما قبل الإمبراطور أوكتافيوس
حين يجتمع حب المادة والانتقام
لكن الهدف الحقيقي من وراء ذلك كان ماديًّا وليس سياسيًّا، وكذلك دافع الانتقام الشخصي، إذْ راح أول الضحايا الخطيب الشهير شيشرون الذي حرض أنطونيوس على إعدامه.
فاضطر أوكتافيوس إلى الإذعان لرغبة أنطونيوس في قتل شيشرون لإرضائه، إذ إن أنطونيوس لم ينس تهجمه عليه في خطبهِ الشهيرة بالفيلبيات، وأن أوكتافيوس لم ينسَ أن شيشرون كان من مؤيدي مقتل يوليوس قيصر، ولم ينسَ إساءته بالقول إنهُ غلام جدير بالثناء والتكريم وجدير بالتخلص منهُ، وقطع رأس شيشرون وأمر أنطونيوس بأن تقطع يداهُ وتعلقان مع رأسه في السوق العامة.
كان أعضاء الحكومة الثلاثية قد رأوا في اجتماعهم التمهيدي أن رأفة قيصر Clementia Caesars وحكمته كانت أحد الأسباب الرئيسة التي أدت إلى اغتياله، وأنهُ لا بد من الشدة والعودة إلى قسوة القائد سولا في عامي 83- 82 ق.م وبطشهِ ومصادرته الأموال ليسددوا ذلك العجز الذي طرأ على الخزينة.
فضلًا عن شيشرون، حوت القائمة السوداء نحو 300 من أعضاء مجلس السناتو و2000 من طبقة الفرسان وأوكلت المهمة إلى لابيدوس بملاحقتهم والقبض عليهم وإعدامهم، وفضلًا عن عملهم هذا.
اقرأ أيضًا قيصر روما المقدس أوكتافيوس.. نبذة عن سيرته
زيادة الضرائب
زادت الحكومة الثلاثية قيمة الضرائب المفروضة على الأملاك وانتزعت 18 مدينة إيطالية لتوزيعها على هيئة إقطاعيات للجنود القدامى.
وهذه الموجة العارمة من الإرهاب والقتل دفعت كثيرًا من أعضاء مجلس السناتو إلى الفرار والالتحاق بمعسكرات بروتوس وكاسيوس في الشرق، وكذلك توجههم إلى سكتوس بومبي الذي كان مسيطرًا على صقلية وسردينيا.
وأقام أوكتافيوس عام 42 ق.م معبدًا ليوليوس قيصر في السوق العامة حيث رماد جثته، ثم أصدر قانونًا خاصًّا برفع قيصر إلى مقام الآلهة الرومانية ولقب بيوليوس قيصر المؤله Divus Julius Casar، وبهذا أصبح أوكتافيوس يلقب ابن المؤله قيصر.
لقد كان لهذه السياسة الصارمة أثر سيئ ووقع مؤلم لدى أهالي روما، فأصبح المجتمع لا يأمن على نفسه ولا على أمواله.
وبموجب قانون التيتا الذي أعطى أعضاء الحكومة الحق في تصفية حساباتهم وجمع الأموال اللازمة للجند وإثبات وجودها والتخلص من خصومهم.
ليأتي دور التصفية في ما بعد بين أفراد الحكومة نفسها، فإن إطلاق هذا العدد الكبير من الإعدامات على مدى سنوات حكمهم قد قلل الموالين للنظام للجمهوري من الأسر وأفراد طبقة مجلس السناتو.
وكان لهذه الإجراءات أثرها في تحول بعيد المدى في القيادة السياسية، وعن طريق الأسس التي يمكن في وقت لاحق أن تكون أساسًا في تكوين حكم الفرد المطلق أغسطسي الحكم.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.